لماذا الأم؟
حديثي أيه الأحبةليس عن شخصية غريبة تحتاج أن نكتشفها أو نصنعها وإنما حديثنا عن أمي وأمك وكل أمتعيش فوق الأرض ,ومن أفضت روحها الطاهرة إلى رب رحيم كريم..نسأل الله أن يغفر لهموأن يسكنهم فسيح جنة.
إننا حينما نتحدث عن الأم فإننا لا نُغفل حق الأب ولكننتحدث عن قرينته وركيزته التي لا يستطيع أن يسير في فلك الأيام دون أن يكون لهاإسهام أو لمسات مضيئة ,فالأم لها شأن في إعمار البيوت وقيام الأسرة وتوفيرالاستقرار فهي كما قيل نصف البشرية ويخرج من بين ترائبها النصف الآخر وكأنها بذلكأمة لوحدة وهي بحق أمة تستحق الإجلال وكما قال الشاعر:
الأم مدرسة إذا أعددتها *** أعددت شعبا طيب الأعراق
أتى رجل يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم (من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك،قال: ثم من؟ قال: أبوك ) وسلام الله على النبي الكريم عيسى ابن مريم حينما أنتصرلأمة فقال (وَبَراً بِوَالِدَتِي وَلَم يَجعَلني جَباراً شَقِياً)
أليس حقًعلينا بعد ذلك أن نسأل ما شأن الأم؟؟!!
أليس حق علينا أن نسأل ماسر ذلكالاهتمام؟؟!!
إن شأن الأم لا يمكن استيعابه حتى نعرف حقيقة المنظومة التكوينيةالمتكاملة للإنسان قال تعالى (وَاللهُ جَعَلَ لَكُم من أنفسكم أَزوَاجًا وَجَعَلَلَكُم من أَزواجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً) وكون أنها أصل في هذا التكوين فهذا يظهروبجلاء علوا مكانته وعظم شأنها وحجمها الفعلي في المنظومة التكوينية.
يتصورالبعض بأن دور الأم لا يعدوا الرحمة والعطف على الأبناء وقبل ذلك الحمل وتبعاتهوهذا مفهوم خاطئ ينشئ عن قصور في الفهم ,وتحجيم لدورها الريادي في التربية والتوجيهوالتعليم كما أن لكثير من الأمهات دور في صنع النجاح لأزواجهن وأبنائهن وكما قيل "وراء كل رجل عظيم أمرائه عظيمة" ولعلي أذكر شيء من قصص السلف في ذلك
يقولوكيع بن الجراح: قالت أم سفيان المحدِّث لولدها سفيان: اذهب فاطلب العلم حتى أعولكبمغزلي، فإذا كتبت عشرة أحاديث فانظر هل تجد في نفسك زيادة فاتبعه وإلا فلتتبعني. هذه هي أم أمير المؤمنين في الحديث
سألت أم حذيفة بن اليمان أبنها: يا بني،ما عهدُك بالنبي صلى الله عليه وسلم قال: من ثلاثة أيام، فنالت منه وأنَّبته قائلة: كيف تصبر يا حذيفة عن رؤية نبيك ثلاثة أيام؟
لا شك أن حرص الأم الذي يخالطالعمل بالأسباب لتحصيل النتيجة هو المولد لتخريج أبناء تُخلد سيرهم في صفحاتالتاريخ كما شاهدنا ,وأني أعرف كثير ممن يشار عليهم بالنجاح في هذا الزمن هم نتاجذلك الوقود (الأم) الذي ظل يحركهم طيلة فترة تنشئتهم حتى وصلوا إلى ما وصلوا إليهحتى حينما سؤال أحد أئمة الحرم المكي عن الأسباب التي أوصلته إلى هذه المنزلةالشريفة قال دعوة أمي!!
قدمت الأم المسلمة أروع النماذج الصارخة فيالتضحية والفداء وترجمت حقيقة العقيدة والانتماء لذلك الدين الذي طالما قدم لها منالنصوص ما يكفل حقها في البقاء فما كان منها إلا أن تنصف ذلك بالتنازل عن حقها منترف الحياة وتقدم أنّفس ما تملك ليكون لله هي الخنساء في كل زمان ومكان وحتى أن يرثالله الأرض ومن عليها ولعلنا نقف على بعض قصص تلك الأمهات المجاهدات
الخنساء
الخنساء وما أدراك ما الخنساء عاشت أكثر عمرها فى العهد الجاهلي،وأدركت الإسلام، فأسلمت، ووفدت على رسول اللَّه ( مع قومها بنى سليم) اشتهرتبإيمانها العظيم باللَّه ورسوله، وجهادها فى سبيل نصرة الحق؛ فقد شهدت معركةالقادسية سنة ست عشرة للهجرة ومعها أولادها الأربعة. قالت لهم في أوَّل الليل: يابَنى إنكم أسلمتم طائعين وهاجرتم مختارين، واللَّه الذي لا إله إلا هو إنكم لبنورجل واحد، كما إنكم بنو امرأة واحدة، ما خنت أباكم، ولا فضحت خالكم، ولا هَجَّنتحَسبكم، ولا غَيَّرت نسبكم . وقد تعلمون ما أعد اللَّه للمسلمين من الثواب الجزيل،واعلموا أن الدار الباقية خير من الدار الفانية؛ يقول اللَّه -عز وجل-: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْاللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[آل عمران: 200]. فإذا أصبحتم غدًا إن شاء اللَّهسالمين فاغدوا إلى قتال عدوكم مستبصرين، وباللَّه على أعدائه مستنصرين، وإذا رأيتمالحرب قد شَمَّرت عن ساقها، واضطرمت لظى على سياقها، وجُلِّلَتْ نارًا على أرواقها،فتَيمَّموا وطيسها، وجَالدوا رئيسها عند احتدام خميسها (جيشها)، تظفروا بالغنموالكرامة فى دار الخلد والمقامة.
فخرج بنوها قابلين لنصحها، وتقدموا فقاتلوا وهميرتجزون، وأبلوا بلاءً حسنًا، واستشهدوا جميعًا . فلما بلغها خبرهم، قالت: الحمدللَّه الذي شرَّفنى بقتلهم فى سبيله، وأرجو من ربى أن يجمعنى بهم فى مستقررحمته