الابتسامة ... سحرها وجماله
ا
بقلم: فيصل السعدي
كلمة رقراقة كقطرات الندى تتساقط على أوراق الشجر فتعج بالحياة
وتنتشي كالعصافير ، هي سر من أسرار هذا الكون الفسيح وهذا الفضاء الرحب
أودعه الله تعالى في الأرواح النقية الطاهرة الشفافة وفي القلوب الرقيقة لها جاذبية
أقوى من جاذبية القوى المغناطيسية في تحريك الجبال من المشاعر السلبية التي
تحيط بنا من كل جانب، هي حركة في الأوداج تنطلق كالأمواج، كالبرق كالنور
تدخل البهجة والفرح والسرور إلى كل من يفتح لها بابه وقلبه. ما أن يسمعها الواحد
منا حتى يخالطه شعور غامر بالصفاء والبراءة والسكينة فما بالكم عندما يراها وهي
تعلو الوجوه والشفاه. كلمة بسيطة في حركتها قليلة في حروفها شامخة في معانيها وفيها
انطوى سر الوجود ترتسم على الوجوه والشفاه فتسحر الناظرين وتأخذ بالألباب
وتخترق بسحرها حجب العداوة والبغضاء وتنفذ إلى مكنونات النفس البشرية فتذيب
في طريقها من جليد المشاعر التي تلبدت في دواخلنا، إنها مفتاح للقلوب الموجوع
ة
والنفوس التائهة بين عذابات الحياة وهمومها فلماذا بحق الإله نضيق على أرواحنا
وقلوبنا وأنفسنا بالتجهم والوجوم والنكد ونتسابق في الذهاب إلى الصيدليات لشراء ما
نعتقد واهمين أنه سيعيد البهجة والفرح والسرور إلى قلوبنا وفي أيدينا دواء لا يكلفنا شيئا.
إنها الابتسامة فتذوق حلاوة هذا الدواء تذوق سحره وجماله وستجد بنفسك كم كنا محرومين
وغافلين عن هذا السر الإلهي الذي أودعه الله فينا. ألم يتغنى الشعراء والأدباء وحتى الحكماء
من البشرية جمعاء بالابتسامة وسحرها وجمالها وفتنتها هل هناك واحد على هذا الكوكب
مهما قسى قلبه وتحجرت مشاعره إلا وفعلت الابتسامة في نفسه الأفاعيل.
فهنيئا لمن جعل الابتسامة ديدنه في حياته ينشر بها السعادة والسرور لنفسه وللكون بأسره.
أليست الابتسامة على بساطتها وعفويتها مفتاحا للسعادة والعطاء بين مكونات هذا الكون الرحب؟
أليست الابتسامة هي جزء من فطرة الله التي فطر الناس عليها؟ هل هناك أعذب
وأروع واصدق من ابتسامة يرسمها طفل بريء على محياه البريء فتضحك له الدنيا بأسرها؟
من منا لا يشعر بالسعادة أمام هذه الابتسامة لهذا الطفل من أي دين ومن أي دولة ومن أي
بقاع الأرض كان؟ أليست الابتسامة هي اللغة المشتركة للبشرية بأسرها؟ بل باعتقادي هي
لغة المخلوقات كلها أليست الابتسامة هي أرق وأعذب وسيلة للتواصل مع الآخرين؟
حتى أعداؤنا نستطيع أن نؤثر فيهم بابتسامتنا لهم فبها نضيء في قلوبهم مصابيح المودة
والمحبة وبها نتواصل مع هذا الفضاء الرحب، وإن كنت أظن أن هناك فئة من
المحسوبين على البشر تحجرت قلوبهم فهي كالحجارة أو أشد قسوة وهم الصهاينة أعداء الحق والخير
والنور والإنسانية وقتلة الأطفال وهم من قبل قتلة الأنبياء عليهم السلام لن تؤثر فيهم الابتسامات
ولا حتى الضحكات، أعاذنا الله من شرورهم.
وما أعظم ديننا الحنيف دين السماحة والبشاشة والمحبة وما أعظم نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم
الذي ما رآه أحدا من أصحابه إلا باشا مبتسما فهذا جزء من شخصيته الفذة الرحيمة بالناس
أجمعين ألم يجعل تبسمك في وجه أخيك صدقة هي صدقة والله لا تكلف جيوبنا شيئا،
هي عطاء لا حدود له هي غاية الكرم بين البشر فيا ليت شعري لو يدرك المكتئبون والمعذبون
والمتجهمون والمتكدرون والمقهورون في هذه الأرض التي تعج بالعذابات والآلام ما
في هذه الابتسامة من حل سحري وعطاء وصفاء ونقاء لعادت والله إلى الوجوه الواجمة
نضارتها وبهجتها ومحياها الجميل ولتواصلت البشرية فيما بينها بمحبة ووئام. لست أدعي
أن الابتسامة هي حل لكل مشاكل البشرية ولكنها مفتاح القلوب وسحر الأرواح.
ما أعظم أن يدخل الزوج إلى بيته وعلى محياه ابتسامة رقيقة يسعد بها زوجته وأولاده
ويدخل الفرحة إلى قلوبهم فتزيده قربا منهم. "وقد سئلت السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها
: كيف كان رسول الله في بيته؟ قالت: كان ألين الناس بساما ضحاكا".
وقد قيل : ابتسامة المرء شعاع من أشعة الشمس تخترق السحاب تنفذ إلى القلوب فيسحرها ويفتنها بروعته وجماله
أخي الكريم ... أختي الكريمة
لتكن إطلالتنا على الكون كله دائما مشرقة بابتسامة صادقة صافية تنشر في ربوعه السكينة والسلام
من أجلك ولأجلك وللكون من حولك ابتسم عندما تحاول أن تستوعب ما يدور حولك
ابتسم فأنت لست وحدك ضحية عذابات هذه الدنيا وهمومها
ابتسم عندما تقرأ هذا الموضوع فأنت ما زلت مشرق بالأمل رغم الصعاب والتحديات
ابتسم لأنني كتبت هذا الموضوع وأنا من داخلي أبتسم لأجلك ولأنني أعرف أنك ستبتسم
أو تحاول أن تبتسم عندما تقرأ هذه الرسالة
تصدق علينا وعلى الآخرين بابتسامتك الساحرة فلك فيها الأجر والثواب يا صاحب القلب الكبير
وإياك أن تكون من الذين قال فيهم الشاعر:
وجوههم من سواد الكبر عابسة كأنما أوردوا غصبا إلى النار
ليسوا كقوم إذا لقيتهم عرضا مثل النجوم التي يسري بها الساري
وأخيرا من وزع الابتسامات حصد الحسنات